بجوار البحر ذاته
كيف نصنع السلام من خلال الفن
القيّم الرئيسي: د. روعي براند | قيّمات مشاركات: ساندرا فايل، رُلى خوري
الفنانون والفنانات المشاركون/ات:
فاتن أبو علي | هالة أبو فريح | فؤاد إغبارية | ميخا أولمان | روجر بالين | يفعات بتسلئيل | تسيبي جِفَع | ناحوم جوتمان | مرجان غنايم | زينب جريبيع | مايا دونيتز | حايا هيلير ديغاني | زئيف ديغاني | رونين زين | هيواَت (لينا أوتوم جاك أغولون، عدن جبري، مبرهيت جبرماريام، أكبرت أبرهة) | دور زليخة ليفي | إيلّا تاوب | موشيه تركا | دانيال يوسف | ساهر ميعاري | ملاك منصور | كرم ناطور | سامر سلامة | نردين سروجي | تشاسيتي بولك | حموتال فيشمان | نيرا بيرج | حاييم ليؤر بيري | نمرود تسين | ليئورا كابلان | داني كرافان | آدم رابينوفيتش | جوليا شافير | عومر شاخ | مجموعة نساء سافانا – كابويا من رواندا.
فاتن أبو علي
دفيئة خضراء، 2025، تركيب فني: شجرة زيتون مطعّمة بشجرة خروب، محاطة بدفيئة مصنوعة من النايلون.
تعتبر شجرة الخروب جزءًا أساسيًا من الثقافة العربية. هناك العديد من الأمثال والقصص التي تشير إلى أن هذه الشجرة مسكونة بالأرواح، ويُنصح بعدم النوم تحتها. يُنظر إلى الخروب كأشجار صلبة وعنيدة، على عكس شجرة الزيتون التي تُعتبر رمزًا للوفرة والاستقرار، ولذلك فهي تحظى بمكانة ثقافية هامة.
في طفولة فاتن، كان تحضير مربى الخروب تقليدًا مهمًا، وكان يُسمى “رُبّ”. بالنسبة لها، كان تحويل ثمرة الخروب المرة إلى معجون حلو، الذي يُستخدم أيضًا لعلاج الجروح، يمثل استعارة هامة في أعمالها الفنية.
يستند هذا العمل الفني إلى مثل شائع في شمال البلاد: “رُب وزيت، زيت ورُب”، وهو يعكس دورة الحياة والتقلبات المستمرة بين اليأس والأمل. من خلال شجرتي الزيتون والخروب، بالإضافة إلى العديد من الرموز الثقافية الفلسطينية الأخرى، تستكشف فاتن قضايا الهوية الوطنية والصراعات السياسية والاجتماعية والجندرية في المجتمع العربي.
في عملها، تطرح فاتن أسئلة تتعلق بإمكانية التعايش والتكيف بين الكائنات المختلفة:
هل يمكن لشجرة الخروب أن تنمو داخل جذع شجرة الزيتون؟ هل يمكن أن يحدث هذا الاندماج بشكل طبيعي، أم أنه سيظل مشحونًا بالتوتر والتحديات؟
العمل ليس مجرد تجربة زراعية، بل هو استكشاف بصري للتفاعل بين الطبيعة والسياسات التي تحدد كيفية تشكيل الفضاء.
وُلدت فاتن أبو علي في عام 1990 في مدينة سخنين. درست الفن في جامعة حيفا، وحصلت على شهادة تدريس من معهد بيت بيرل. حاليًا، تواصل دراستها للحصول على درجة الماجستير في الفن من أكاديمية بتسلئيل للفنون والتصميم في القدس، حيث تقيم وتعمل أيضًا.
هالة أبو فريح
بدون عنوان، 2016، تصوير فوتوغرافي، 42×60 سم
بدون عنوان، 2017، تصوير فوتوغرافي، 42×60 سم
بدون عنوان، 2024، تصوير فوتوغرافي، 42×60 سم
بدون عنوان، 2024، تصوير فوتوغرافي، 42×60 سم
هذه الصور ليست مجرد صور فوتوغرافية عادية، بل هي شهادات بصرية تروي التحديات، والحنين، وقوة الحياة التي تظل حية حتى في أصعب الظروف. تعكس هذه الأعمال العلاقة العميقة بين الإنسان والمكان، وبين الوحدة والانتماء، وبين الذكريات والمصير، وبين الطفولة والقدرة على الصمود، وبين الحلم والواقع في بيئة صعبة لكنها مليئة بالحياة.
نحن، سكان القرى غير المعترف بها، نشأنا في هذه المناظر الطبيعية قبل أن يفرض علينا الإخلاء الانتقال إلى المدينة. ومع ذلك، ظلت الذكريات التي حملناها معنا حية في قلوبنا. نرفض أن يُمحى وجودنا، تمامًا كما يرفض المكان أن يُنسى. فهو ليس مجرد مساحة فارغة؛ بل هو مخزن للذكريات، مأوى للأحلام، وساحة للنضال من أجل بقاء الإنسان.
هالة أبو فريح، مصورة وفنانة فيديو، حاصلة على درجة البكالوريوس في الثقافة الإبداعية والإنتاج، بالإضافة إلى شهادة تعليم فني مرشد من كلية سابير في سديروت. حاليًا، تعيش وتعمل في رهط.
فؤاد إغبارية
نسيج وتشققات، 2018، زيت على قماش، 140×100 سم.
تشققات وضمادات، 2018، زيت على قماش، 140×100 سم.
تتناول أعمال فؤاد إغبارية أبعادًا متعددة، تمتد بين الشخصي، الاجتماعي، والسياسي، مستلهمةً من البيئة التي نشأ فيها في قريته مُصمُص. طفولته هناك كانت غنية بالمشاهد الحسية والتجارب الحياتية؛ بين أسوار الصبّار التي تحيط بالمنازل، ورائحة الزعتر التي تعبق في الأجواء، وذكريات أجداده، إلى جانب مشاهد الحقول الممتدة، وقطعان الأغنام والأبقار في موسم الحصاد. في لوحاته، يسعى إغبارية إلى إعادة إحياء هذه العناصر، محاولًا تقديم رؤيته الفنية تجاهها بأسلوب تعبيري خاص.
في سلسلة لوحات السجاد، يستحضر الفنان الزخارف العربية التقليدية التي لطالما بقيت محفورة في ذاكرته منذ الطفولة، حيث كانت تلك السجادات مفروشة في بيت والديه. هذه الزخارف تحمل قيمة ثقافية وروحية كبيرة في الفنون الإسلامية، حيث تعكس أنماطًا هندسية دقيقة، وتجسد مفهوم التوازن والجمال في تكوين العالم. تجمع هذه الأعمال بين الألوان الغنية والتفاصيل المتقنة، مما يدعو المشاهد إلى الغوص فيها والتأمل بتفاصيلها. ورغم ما تبثه من إحساس بالدفء والألفة، إلا أنها تحمل في طياتها شيئًا من الغموض والغرابة، مما يفتح الباب أمام استكشاف العلاقة بين المكان والذاكرة، وبين المألوف والمجهول.
وُلد فؤاد إغبارية عام 1981 في قرية مُصمُص في شمال البلاد، ودرس الفنون في أكاديمية بتسلئيل للفنون والتصميم، ثم حصل على درجة الماجستير من جامعة حيفا. يعيش ويعمل في أم الفحم، حيث يواصل مسيرته الفنية، مستكشفًا من خلالها أسئلة الهوية والانتماء.
ميخا أولمان
أذن، 2025، منحوتة برونزية، 70x70x3 سم.
هذا العمل الفني مرتبط بالمكان وصُمّم خصيصًا لهذا المعرض. اختار ميخا أولمان موقع العمل بحيث تنعكس صورة الأبراج المحيطة على سطح المنحوتة، مما يخلق إحساسًا بأنها تمتد إلى أعماق الأرض. في وسط المنحوتة البرونزية، قام بصبّ تجويف مطابق لشكل أذنه، وكأنه يدعونا لوضع آذاننا على الأرض والاستماع إلى الأصوات التي قد تكون خفية في أعماقها.
وكما هو الحال في العديد من أعماله الأخرى، مثل “البيت” في شارع روتشيلد أو “المكتبة” في برلين، قد لا يلتفت المشاهد للعمل للوهلة الأولى، لكنه بمجرد أن ينتبه إليه، يظل محفورًا في ذاكرته.
وُلد ميخا أولمان عام 1939 في تل أبيب، وحصل على جائزة إسرائيل عام 2009. يعيش ويعمل حاليًا في رمات هشارون.
روجر بالين
أرواح وفراغات: سلسلة صور فوتوغرافية.
مُقتحِم، 2020، تصوير فوتوغرافي، 3×3 م.
حاضرٌ في كل مكان، 2022، تصوير فوتوغرافي، 3×3 م.
أرجوحة، 2024، تصوير فوتوغرافي، 3×3 م.
“لقد كنت ألتقط الصور لمدة خمسة عقود. خلال هذا الوقت، اكتشفت أجزاء من نفسي لم أكن أعلم بوجودها.”
تأخذنا أعمال روجر بالين إلى عالم كان حتى وقت قريب مكبوتًا: عالم فوضوي ومجزأ، حيث يبرز اللاوعي الجمعي بشكل بصري قوي. أسلوبه الفوتوغرافي، الذي يجمع بين العبثية، الرعب، والدهشة، أصبح مميزًا جدًا لدرجة أنه أُطلق عليه مصطلح “بالينسك” (Ballenesque)، وهو تعبير يجمع بين اسمه والطابع الغروتسكي، وهو أسلوب بصري يتلاعب بالتشوه والمبالغة ليخلق تأثيرًا غير مألوف.
في أواخر التسعينيات، وخلال أسفاره إلى جنوب إفريقيا، وثّق بالين حياة السكان البيض في المناطق النائية في حقبة ما بعد الأبارتهايد. كشفت رؤيته الفريدة عن الفوضى التي أعقبت انهيار النظام السابق. بعد هذه السلسلة من البورتريهات، دُعي من قبل فرقة Die Antwoord لإخراج فيديو كليب لأغنيتهم “I Fink U Freeky”، والذي أصبح ظاهرة عالمية.
في السنوات الأخيرة، ركّز بالين على التصوير الفوتوغرافي المُعدّ مسبقًا، والذي يصور عالمًا غريبًا، مشوهًا، وغير مألوف، حيث تمتزج العبثية بالرعب والدهشة. ورغم أن أعماله تبتعد عن توثيق الواقع، إلا أن الواقع نفسه يبدو وكأنه يطارده.
الصور المعروضة في البينالي مختارة من سلسلة “أرواح وفراغات”، والتي تتميز بمساحات ضيقة خانقة وأجواء مسكونة بالأشباح. أحيانًا، يبدو أن بالين يخلق مشهدًا مسرحيًا عبثيًا ليكشف قبح العالم وبؤس شياطينه، وأحيانًا أخرى، يبدو وكأنه مفتون بحكمتهم الخفية.
وُلد روجر بالين في الولايات المتحدة عام 1950، ويعيش ويعمل حاليًا في جوهانسبرغ في جنوب إفريقيا.
يفعات بتسلئيل
يومًا ما، 2024، رسم بقلم الرصاص وأوراق الذهب على طباعة أرشيفية، مع موسيقى ورسوم متحركة ضوئية، 159×224 سم.
الرسوم المتحركة: ناداف ليفي
الموسيقى: كارني بوستيل
إنتاج موسيقي بمساعدة Room 25 وماتي برودو.
في عملها “يومًا ما”، تسعى يفعات بتسلئيل إلى تصوير الحضور الإلهي الذي ينبثق من بين حطام التاريخ المستمر. من خلال إبداعها الفني، تحاول بتسلئيل تهدئة الألم الروحي العميق الذي يسكن داخلنا. على مدار سنوات، تأملت في براعة فناني عصر النهضة، الذين استطاعوا من خلال مهارة أيديهم تحويل الخطوط إلى تعبيرات نابضة بالحياة، وأعادت رسم “بييتا” (Pietà) لمايكل أنجلو مرارًا، إذ ترى فيها انعكاسًا للحضور الإلهي.
عبر هذا الفعل الفني، تسعى بتسلئيل إلى سرد قصة هذه الأرض الغارقة في التناقضات، متأملةً في الصراع بين تحريم اليهودية لصناعة التماثيل والصور وبين انجذابها العميق لهذه الأشكال الفنية. تقف أعمالها عند الحدّ الفاصل بين التصويري والتجريدي، محاولةً ملامسة لحظة الالتباس والتوتر. تقول الفنانة: “بهذه الحركة، أسعى إلى إبراز الشعور بعدم الاكتمال وصعوبة الفراق، وقبل كل شيء، العملية الإبداعية الحزينة، التي تحاكي منزلًا ليس إلا صورة متخيلة لمنزل، وليس منزلًا حقيقيًا.”
وُلدت يفعات بتسلئيل عام 1975، درست الفنون في أكاديمية بتسلئيل للفنون والتصميم، وحصلت على درجة الماجستير في الفلسفة اليهودية من جامعة تل أبيب. تعيش وتعمل حاليًا في تل أبيب.
تسيفي جِفَع
بحر غزة، 2002
لوحة، دهان صناعي وزيت على الفورمايكا المثبّتة على لوح خشبي، 135×50 سم
جبل حزور، 2006
لوحة، أكريليك وزيت على قماش، 240×600 سم
“جبل حزور” هو عمل أُنجز عام 2006 كجزء من سلسلة لوحات عمل عليها تسيفي جِفَع، تصوّر جبالًا ومناظر طبيعية فارغة. اللوحة تعرض مشهدًا يشبه بركانًا مشتعلًا، قُطعَت قمّته ويعلو نحو سماء داكنة تطير فيها طيور سوداء، تُذكّر بلوحة “غربان فوق حقل القمح” الشهيرة لڤينسِنت ڤان غوخ – والتي غالبًا ما تُعتبر نذيرًا للموت.
في الجزء السفلي من الجبل، على الجهة اليمنى، يظهر مكتوبًا (وممحوًا جزئيًا) اسم “جبل حزور”.
يقع جبل حزور، الذي يحمل العمل اسمه، في الجليل قرب كرمئيل، وفي قمته مستوطنة صغيرة تُدعى “موشاف حزور”. يربط الفنان هذا الجبل بذكريات خدمته العسكرية، وتحديدًا أيام التدريبات القاسية في قاعدة 206، والركض تحت المطر والرياح وهم يحملون الحمالات صعودًا عبر الطريق الملتف نحو القمة.
يظهر اسم الجبل داخل اللوحة كجزء منها – ليس فقط كإشارة جغرافية، بل كعنصر تعبيري ساخر يُبرز المفارقة بين “الحلم والانهيار”، أو ما يشبه نبوءة خراب تُحاكي القوة المنفجرة لكنها أيضًا مدمّرة، ما بين الحماسة المخلِّصة والانطفاء.
أما “بحر غزة”، فهو عمل ذو عنوان محمّل بالدلالات اللغوية والسياسية. رُسم على باب خزانة قديم وجد في الشارع، مطلي بلون أزرق فاتح. أُضيف إليه خط الشاطئ بلون الرمال الذهبية، ما يمنحه مظهر بانوراما شاعرية وهادئة لشاطئ مشمس. لكن هذا الهدوء ينقلب أمام الكتابة اليدوية الخشنة التي تغطّي سطح اللوحة، وتضفي عليها طابعًا سوداويًا سياسيًا مشحونًا.
العنوان ذاته هو دمج ساخر بين عبارتين سياسيتين شهيرتين: الأولى منسوبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق شامير: “العرب هم نفس العرب، والبحر هو نفس البحر”. والثانية منسوبة لياسر عرفات: “ليشرب اليهود من بحر غزة”.
جِفَع يدمج العبارتين ليخلق مفارقة مُرّة، تزعزع الصورة الحالمة للشاطئ وتكشف عن التوترات السياسية التي تسكن خلف هذا المشهد الهادئ.
تسيفي جِفَع وُلد عام 1951 في كيبوتس عين شِمِر، ويُعدّ من أبرز الفنانين المخضرمين في إسرائيل. يعمل أستاذًا للفن في عدة جامعات ومعاهد، ويعيش ويعمل بين تل أبيب ونيويورك.
ناحوم جوتمان
السبت في شارع هرتسل، 1912، 1966، فسيفساء.
تُعدّ فسيفساء “السبت في شارع هرتسل” واحدة من ثلاث أعمال فسيفساء أنجزها الفنان ناحوم جوتمان ردًّا على هدم المبنى الأصلي لمدرسة الجمناسيا هرتسليا في أواخر خمسينيات القرن الماضي، قبل انتقالها إلى مقرّها الحالي في شارع جابوتينسكي.
ناحوم جوتمان، أحد أبرز الرسّامين المعروفين في الفن الإسرائيلي ومن أوائل أطفال حي “أحوزات بايت” التاريخي، أنجز هذا العمل من أجل الحفاظ على ذاكرة المبنى القديم والمدينة التي نشأ فيها.
في الفسيفساء، تظهر “تل أبيب الصغيرة” كأنها جزيرة معزولة، بشارع واحد يحيط به الرمل من كل جانب، يسير فيه السكان نحو مبنى الجمناسيا الظاهر بحجم كبير في وسط العمل. إلى يسار المشهد، يضيف جوتمان جزيرة أخرى نُقشت عليها كلمات النشيد العبري “هنا في أرض مَطلب الآباء” (פה בארץ חמדת אבות)، الذي يعبّر عن أمل بعيش حرّ وتحقيق الحلم في أرض الأجداد.
أما العملان المنصوبان عند مدخل الجمناسيا من إبداع داني كرافان، فيعكسان آمالًا مشابهة تتعلّق بالشاطئ، والحجر المحلي، والرمال البكر – وكلّها مهدّدة بالاندثار.
وُلد ناحوم جوتمان عام 1898 في صربيا، وهو خريج الجمناسيا هرتسليا، وحائز على جائزة إسرائيل لأدب الأطفال عام 1978. يُعدّ من كبار الفنانين الإسرائيليين في القرن العشرين.
مرجان غنايم
ذاكرة ذائبة، 2024، تركيب فني، حوض ماء زجاجي، ماء، شبكة حديدية، قماش، ومعجون تسوية، 45×70×120 سم.
بعد وفاة أختها العام الماضي، شعرت مرجان غنايم برغبة في دفن أعمالها الفنية وإخفائها، في طقس حداد رمزي. استلهمت هذه الفكرة من طقوس الدفن والصلوات على الموتى في ثقافات مختلفة. شكّلت التمثال من معجون التسوية والشبكة الحديدية، ثم وضعته في حوض ماء زجاجي وتركته مغمورًا.
في العديد من الثقافات، يُرمز إلى الماء بوصفه عنصرًا للتطهير والتعميد، الطهارة والخلاص، لكنه أيضًا قادر على إعادة تشكيل المادة: يجعل الفولاذ هشًا، ويحوّل المألوف إلى شيء غريب. كما تتحلل الأجساد تحت الأرض حين تندمج مع المياه الجوفية، يتفكك هذا التمثال تدريجيًا، ويمتزج مع محيطه.
في هذا العمل، تتناول غنايم علاقتها بالذاكرة، وبالفقدان، وتتجوّل في مساحة غامضة بين الحياة والموت.
وُلدت مرجان غنايم عام 1996 في باقة الغربية. درست اللغة والأدب العربي والفن التشكيلي، وحصلت على درجة الماجستير في الفنون (MFA) من جامعة حيفا، كما حصلت على شهادة تدريس من الكلية الأكاديمية بيت بيرل.
زينب جريبيع
بين التراث والحداثة، 2010-2020، خزف، سلسلة مكونة من خمسة جرّات.
زينب جريبيع، فنانة بدوية من بلدة شقيب السلام، تمزج في أعمالها بين الخزف والتطريز التقليدي، مضيفةً إليهما لمسات وتجديدات عصرية. تصنع جريبيع قطعًا خزفية فريدة تعكس ثقافتها والتغيرات التي تمر بها في العصر الحديث.
رغم نشأتها في ظروف صعبة، أصرت جريبيع على مواصلة تعليمها، وكرّست نفسها لشغفها بالفن. تدير اليوم مجمعًا لرياض الأطفال في قرية وادي النعم، إلى جانب عملها محاضِرةً في كُليَّة كي للتّربية. في معرضها الفني بمنزلها، تعرض وتبيع أعمالها التي تشمل الجرّات، أدوات المطبخ، والتطريزات المتنوعة.
تحلم جريبيع بإنشاء مدرسة للفنون في المجتمع البدوي، تتيح للأطفال والشباب فرصة للتعبير عن أنفسهم من خلال الفن.
حايا هيلير ديغاني
صرخة متجمدة: نداء عالق في الزمن، 2024، منحوتة، صب زجاج، 47x42x9 سم.
الإرينيات، 2025، منحوتة، ثلاث صبّات زجاجية، 25x15x7 سم.
صراع داخلي، 2024، منحوتة، صب زجاج، 28x17x7 سم.
جلد أسود أقنعة بيضاء، 2024، منحوتة، زجاج مصبوب على قالب في قفص حديدي، 38x38x35 سم.
تستكشف حايا هيلير ديغاني في أعمالها مواضيع متعددة، من الصراعات الداخلية التي تشكّل جوهر التجربة الإنسانية إلى قضايا العدالة، الأخلاق، المسؤولية، الهوية، والتعبير عن الذات.
في عملها “صرخة متجمدة”، تحاول تجسيد الألم النفسي من خلال المادة الصلبة، وخلق حوار مع أولئك الذين يعانون القمع والمعاناة دون أن يُسمع صوتهم.
أما “الإرينيات”، فهو عمل يستلهم رموزه من الميثولوجيا الإغريقية، حيث تجسّد الإرينيات غضب العدالة الإلهية، وكانت مهمتهن مطاردة ومعاقبة مرتكبي الجرائم الجسيمة التي تخلّ بالتوازن الاجتماعي والأخلاقي. يعكس هذا العمل الصراع المستمر بين الإنسان وضميره الأخلاقي عند اتخاذ القرارات المصيرية.
في “صراع داخلي”، تواصل ديغاني استكشاف طبيعة الصراع الإنساني، متأملةً الازدواجية التي ترافق الإنسان منذ الأزل: بين النور والظلام، الأمل واليأس، الرحمة والغضب، وبين رغبته في البناء وميله الغريزي إلى التدمير.
على عكس أعمالها الأخرى، يتناول “جلد أسود، أقنعة بيضاء” بُعدًا اجتماعيًا وسياسيًا، حيث تستكشف ديغاني تأثير الاستعمار والاحتلال على الهوية الفردية والجماعية. يسلط العمل الضوء على كيف تفرض القوى المستعمِرة هيمنتها عبر إضعاف الثقافة المحلية وتصويرها على أنها أقل شأنًا، مما يدفع السكان إلى تبني ثقافة المستعمِر، بما في ذلك قيمه ولغته. ينتج عن ذلك صراع داخلي مؤلم بين الرغبة في الحفاظ على الهوية الوطنية والضغوط الاجتماعية والسياسية التي تفرض الاندماج القسري في ثقافة القوة المسيطرة.
وُلدت حايا هيلير ديغاني عام 1951 في حيفا، وهي فنانة متعددة التخصصات ومربية، حاصلة على درجة الدكتوراه من جامعة تل أبيب، كما درست فن الزجاج في التشيك، ألمانيا، وإنجلترا. تعيش وتعمل في تل أبيب.
مايا دونيتز
الصوت يحتاج إلى وسيط، 2016، تركيب صوتي.
لا يمكن الاستماع إلى الأغنية في هذا التركيب بالطريقة التقليدية. للاستماع إليها، يجب عضّ الجزء البارز من المنحوتة واستخدام الأسنان كوسيلة للسمع.
في يناير 2025، قامت مايا دونيتز بترجمة، وإعادة تنسيق، وتلحين مقطع مستوحى من كلمات مايكل شراي في البودكاست “The Emerald”. يأتي هذا العمل كتوسلّ من أجل وقف إراقة الدماء، وأدّى إلى ولادة الأغنية “عَيناي رأت”، التي تُعرض هنا لأول مرة قبل إطلاقها رسميًا.
“عَيناي رأت أكثر مما ينبغي / عَيناي رأت أكثر مما ينبغي / هناك أشياء كنت أتمنى لو لم أرها / أشياء آمل ألا يضطر أطفالي لرؤيتها / فهل يمكنك، من فضلك، أن تغسلها من عينيّ، يا قلب العالم الكبير؟ / سانتا لوسيا، / عين البركان، / هل يمكنك أن تمسحي من عينيّ كل الأشياء / التي لم يكن ينبغي لها أن تُرى أبدًا؟ / هل يمكنك أن تغسليها؟ / كل الأشياء / التي لم يكن يجب أن تراها عيناي، / هل يمكنك أن تغسليها؟ / أيتها الروح العظيمة، كل الأشياء التي لم يكن يجب أن تحدث؟ / اغسلي، يا روح، امحي هذه الذكرى من داخلي.”
وُلدت مايا دونيتز عام 1981 في تل أبيب، وهي مؤلفة موسيقية وفنانة متعددة المجالات.
دور زليخة ليڤي
عمق الكلام، 2021، عمل صوتي، 5 دقائق و38 ثانية.
تأليف، توزيع، وإنتاج موسيقي: يانيف مَيْزِل.
غناء: ديما قبلان.
ميكس: أفيعاد زينمانس.
“عمق الكلام” هو عمل صوتي يواصل فيه الفنان البحث في العلاقة المعقدة بين اللغة العربية والعبرية. يتمحور العمل حول أغنية حب كُتبت باللغتين، حيث جاءت الكلمات العبرية ترجمة مباشرة للنص العربي، مع الحفاظ على التناغم البنيوي والصوتي بين اللغتين.
استُلهم تلحين الأغنية من تقاليد موسيقية تعتمد على تناغم الألحان مع الأصوات والمقاطع اللغوية، وهو أسلوب يميّز الموسيقى العربية التقليدية كما يظهر أيضًا في الترتيل الديني لدى المجتمعات اليهودية العربية.
تم تسجيل الأغنية بصوت المغنية ذاتها في اللغتين، مما يمنح المستمع فرصة للاستماع إلى اللغتين الشقيقتين وهما تتجاوبان مع بعضهما البعض، وسماع الفروقات والتكامل بينهما في الوقت ذاته.
رونين زين
وجهان لشيء واحد، صورتين فوتوغرافيتين، 2024.
تستكشف هاتان الصورتان حالات الفصل، والتناقض، والارتباط القسري بين عنصرين يبدو أنهما ينتميان لبعضهما البعض، لكنهما في الوقت ذاته متباعدان ومختلفان.
في الصورة الأولى، يقف حماران متقابلان بظهريهما، يديران ظهريهما لبعضهما البعض. يتشاركان نفس الجدار، ونفس الظل، ونفس الإرهاق، ومع ذلك، يحدق كل واحد منهما في اتجاه مختلف، وكأنهما جانبان من واقع واحد لا يستطيعان الالتقاء. أما الكتابة الزرقاء على الحائط، والتي تبدو واضحة جزئيًا وممحوة جزئيًا، فهي تعمل كصدى لحوار لم يكتمل.
في الصورة الثانية، تقف شجرتا زيتون مقطوعتا الجذوع جنبًا إلى جنب. إحداهما بقيت بلونها الطبيعي، بينما طُليت الأخرى باللون الأخضر الصناعي، وهو اللون المستخدم في الشاشات الخضراء، التي ترمز إلى إمكانية التغيير أو الإخفاء أو الاستبدال. رغم أنهما من النوع نفسه وربما كبرتا في الأرض ذاتها، إلا أن التمييز القسري المفروض عليهما جعلهما غريبتين عن بعضهما البعض. تمامًا مثل الحمارين، تعكسان واقعًا مزدوجًا—متشابهًا لكنه متناقض، متصلًا لكنه ممزق.
وُلد رونين زين عام 1990 في شفاعمرو، وهو حاصل على درجتي البكالوريوس والماجستير من أكاديمية بتسلئيل للفنون والتصميم. في عام 2023، حصل على جائزة لورين وميتشل برسر للمصورين الإسرائيليين الشباب.
إيلّا تاوب
مساحة آمنة، تركيب فني يتألف من ثلاثة منحوتات تشبه الشرانق،
قماش، معدن، خيوط، حبال، قماش مُشمّع، وخشب.
110×270×300 سم،
220×200×290 سم،
320×250×300 سم.
“لا مكان آمن. الأرض تهتز، وصافرات الإنذار تملأ المدينة. لا مهرب، فصنعتُ لنفسي زاوية أختبئ فيها.”
تستكشف إيلا تاوب في أعمالها العلاقات الشخصية والتجارب الحميمية التي تتأرجح بين الشعور بالترابط والوحدة. منحوتاتها، المصنوعة من أقمشة جمعتها من سوق الأغراض المستعملة، تتدلى من السقف كشرانق معلّقة. اختارت تاوب أقمشة ذات طابع منزلي مثل القطن والدانتيل، أقمشة تمنح شعورًا بالدفء والحماية والاحتواء، وكأنها طبقة جلد تخفي تحتها هيكلًا داخليًا من المعدن والخشب.
أُنجز هذا العمل خصيصًا للمعرض، وتم وضعه في ممرات مدرسة الجيمنازيوم، حيث يمكن للمتفرجين إلقاء نظرة خاطفة عبر الفتحات واكتشاف آثار الزمن والبقع التي علقت بالقماش، وكأنها بقايا لحياة تنبض بداخله.
وُلدت إيلا تاوب عام 1994 في روسيا، وتعيش وتعمل حاليًا في برلين.
موشيه تركا
رحلة داخل المغارة، 2022
منحوتة، نحت في الجبس والبلاستيك
99x52x48 سم
المغارة ليست نهاية الطريق، بل محطة في منتصفه. ليست مكانًا للهروب، بل مساحة للانطواء والتأمل. في المغارة لا نرتاح، بل ننتظر، نصغي، نهمس لأنفسنا: تابع السير.
“رحلة داخل المغارة” عمل نحتي يحتضن في داخله ما حاولت كثير من الروايات التاريخية تجاهله: رحلة جماعية، سارت فيها جماعة بأكملها عبر صحارى ومخاوف وصمت طويل.
في عام 1984، وكان في الثالثة من عمره، خاض تركا هذه الرحلة بنفسه من إثيوبيا إلى إسرائيل. كانوا يختبئون في المغارات نهارًا، ويتابعون السير ليلًا. اختزلت الحياة آنذاك في عتمة صخر، وصلاة خافتة، وأمل منقوش في الجسد.
مغارات تركا ليست مجرد ذاكرة، بل لغة. كتل الجبس البيضاء تخبئ بداخلها شخصيات سوداء، صامتة، واقفة جنبًا إلى جنب، وكأنها تنتظر من يناديها. لا تسعى للظهور، لكنها ترفض أن تُمحى.
فعل الحفر هنا ليس جسديًا فقط، بل روحي أيضًا. كأن الفنان يُقشّر طبقات الصمت ليكشف عن حقيقة دفينة. تركا لا يضيف، بل يزيل. لا يبني، بل يكشف.
“رحلة داخل المغارة” ليست مجرد سرد لمسار مضى، بل استمرار لهوية ما زالت تبحث عن صوت. ثقافة لا تطلب تمثيلًا رمزيًا، بل تعبيرًا ماديًا، من خلال الجسد، والمادة، والظل، والذاكرة.
هذه ليست مغارة تُخفي، بل مغارة تُعيد الصوت إلى السطح. وربما تكون هذه هي الغاية الحقيقية من الرحلة: ألا نصل، بل أن نُرى.
وُلد موشيه تركا في إثيوبيا عام 1981، وقدم إلى إسرائيل مع عائلته وهو في الثالثة من عمره. يعيش ويعمل حاليًا في تل أبيب.
دانيال يوسف
سراب (البيت أقرب مما نعتقد)، 2025، تركيب فني يتكون من رسومات بالقلم والماركر، نباتات حقيقية وبلاستيكية، طلاء أسود، صور مطبوعة، أثاث، وأغراض منزلية متنوعة.
في هذا العمل، كما في العديد من أعماله الأخرى، يستكشف دانيال يوسف الصراع بين هويته الوطنية المزدوجة، والتي غالبًا ما تكون في حالة تصادم مع نفسها. من جهة، هويته السويدية، البلد الذي وُلد وترعرع فيه وقضى معظم حياته، ومن جهة أخرى، هويته الفلسطينية التي ورثها عن والديه. هذا الصدام بين الهويتين يتجسد داخل مساحة واحدة – إعادة بناء غرفة المعيشة في منزل والدته. في صالون بيتهم، تتجاور النباتات الحقيقية والاصطناعية؛ نباتات منزلية حقيقية بجانب أشجار زيتون وتين بلاستيكية. بهذه الطريقة، حاول والداه الحفاظ على المشهد الفلسطيني المألوف داخل منزلهما في السويد.
من خلال المزج بين العناصر الأصلية والزخرفية المبالغ فيها، يخلق يوسف مشهدًا بصريًا يبدو وكأنه سراب لمنزل فلسطيني بعيد عن الوطن. عنوان العمل “البيت أقرب مما نعتقد”، هو أحد الشعارات التي استخدمتها شركة إيكيا السويدية للأثاث. إدراجه للشعار داخل التركيب الفني يفتح بابًا للتساؤل حول معناه الحقيقي – هل البيت بالفعل قريب، أم أن القرب مجرد وهم؟
وُلد دانيال يوسف عام 1975 في السويد لأبوين فلسطينيين مهاجرين، ويعيش ويعمل حاليًا في ستوكهولم.
ساهر ميعاري
تنقلات، 2024، تركيب فني، سلالم خشبية.
قارب في بحر من الخرسانة، 2018، لوحة، مسحوق إسمنت أسود، معجون تسوية، وألوان أكريليك على خشب رقائقي.
يعتمد التركيب الفني لساهر ميعاري على مجموعة من السلالم الخشبية بأحجام مختلفة، متشابكة ومتداخلة بطريقة تمنع استخدامها، وكأنها عالقة في وضع لا يسمح لها بأداء وظيفتها. هذه السلالم، التي تتنقل من مكان إلى آخر دون استخدام أو مالك، تعكس حال العمال الفلسطينيين الذين تركوها خلفهم، تمامًا كما تركوا مواقع عملهم. عمل ميعاري نفسه في مجال البناء، ويستخدم في أعماله الفنية مواد خام تحمل بُعدًا سياسيًا مستمدة من هذا المجال. السلالم المستخدمة في هذا العمل جُمعت وأُعيرت له من عمال عرب محليين يعملون في مجال الترميم والبناء، الذين توقفت أعمالهم لفترة طويلة بعد السابع من أكتوبر. منذ ذلك الحين، بات العمال يشعرون بعدم الأمان والاستقرار أثناء العمل في المناطق اليهودية، وسط مخاوف متزايدة بشأن مستقبلهم وسلامتهم.
وُلد ساهر ميعاري في قرية المكر عام 1974، وأكمل دراسته وحصل على درجتي البكالوريوس والماجستير في الفنون. يقيم ويعمل حاليًا في جديدة-المكر.
ملاك منصور
أحلام سعيدة، 2025، تركيب فني معلّق من السقف، يضم رسومات بقلم الجرافيت، عناصر مصنوعة من ورق الجرائد، طلاء زيتي أحمر اللون، خيوط نايلون وقطن.
لا تنظر ملاك منصور إلى السلام كحلمٍ مثاليّ، بل تراه واقعًا يحمل الأمل والخوف معًا، وسط كل ما فيه من تعقيدات وتوترات. كامرأة درزية-عربية تعيش في إسرائيل، تدرك مدى تعقيد الوضع، لكنها ترفض فكرة أن السلام مستحيل، بل تؤمن بأنه يمكن تحقيقه من خلال جهد جماعي.
يستوحي هذا العمل فكرته من الألعاب الدوّارة التي تُعلّق فوق أسرّة الأطفال لتهدئتهم وإشغالهم. تظهر في الرسومات غزلانٌ، نجومٌ، وطيورٌ، رموزٌ للحرية ولرهافة الحياة، بينما تعبّر الخيوط عن الترابط الدقيق والهش بين مكوّنات السلام. وكما أن هذه الألعاب لا تمنح الأطفال راحة دائمة، فإن هذا العمل الفني لا يهدف إلى الطمأنينة المطلقة، بل يفسح المجال للمشاعر المتضاربة مثل الخوف، الغضب، والرفض. إنه دعوة للتفكير في السلام كعملية مستمرة – هشة لكنها مرنة، قابلة للتكيف وقادرة على الصمود، تتطلب فهمًا عميقًا ورعاية مستمرة لتناقضاتها.
وُلدت ملاك منصور عام 1996 في عسفيا، ودرست في معهد الفنون بجامعة حيفا. تعيش وتعمل حاليًا في عسفيا.
كرم ناطور
قصة الأنا، 2024، رسم رقمي
150×100 سم
في “قصة الأنا”, يضع الفنان كرم ناطور نفسه في مواجهة مع أسد، رمز القوة والغريزة، في معركة بين السيطرة والاستسلام. تحاول شخصية الفنان كشف أنياب الأسد، في حركة تعكس المواجهة مع الجانب الوحشي الكامن في داخله.
في الخلفية، يظهر الأرنب من أليس في بلاد العجائب كملاك يوم الحساب، يراقب المشهد من بعيد كشاهد أبدي على مصير الإنسان. يتساءل العمل عمّا إذا كان العقل والتفكير الواعي هما من يوجّهان حياتنا، أم أن الغريزة والدوافع البدائية هي التي تحدد مسارنا.
يمزج العمل بين رموز أسطورية، مفاهيم فلسفية، وحكايات المغامرات، مستلهمًا من علم الخيمياء – وهو ممارسة قديمة سعت إلى فهم عمليات التحوّل، سواء في المادة أو في النفس البشرية. من خلال هذا المزج، يفتح العمل باب التساؤل حول الأنا، المصير،
والتأويل.كرم ناطور، من مواليد 1992 في الناصرة، حاصل على درجتي البكالوريوس والماجستير من أكاديمية بتسلئيل للفنون والتصميم. يعيش ويعمل في تل أبيب.
سامر سلامة
جدار-أرضية، 2025، تركيب فني مرسوم
استوحى سامر سلامة عمله “جدار-أرضية” من زاوية مختارة بعناية داخل أحد ممرات مدرسة الجيمنازيوم. في هذه الزاوية، مرّت أجيال من الطلاب، تاركين آثار أيديهم وأجسادهم، بينما امتصت الجدران روح الشباب التي عبرت المكان. على جدارين كبيرين، أنشأ سلامة تكوينًا فنيًا باستخدام تقنية الطباعة التي تميّز أعماله. في هذه العملية، قام بتلوين بلاطات السيراميك، ثم ضغطها على الجدار مرارًا وتكرارًا، مما سمح للألوان والأنماط بالتحوّل والتغير وفقًا للون السطح الأصلي للجدار. هذه التقنية خلقت تأثيرًا بصريًا ديناميكيًا، حيث لم تكن أي طبعة مماثلة تمامًا لما قبلها، مما جعل العمل ينبض بالحركة والتفاعل.
من خلال هذه الطباعات المتكررة، يحدث تداخل بين أثرين مختلفين: الأول يحمل بصمة الجسد الحي، والثاني يمثل البعد الثقافي والتاريخي للمكان. هذا التفاعل بين الأثرين يندمج في عمل فني واحد، يجمع بين الحضور الشخصي والذاكرة الجماعية التي تشكّلت عبر الزمن.
سامر سلامة، من مواليد قرية يركا، رسام ونحّات، حاصل على درجة الماجستير في الفنون من أكاديمية بتسلئيل (2024). يعيش ويعمل في تل أبيب.
نردين سروجي
طائر على الكُم، 2022، نحت بوسائط متعددة، خيوط صوف على لوح فولاذي، 46×82 سم.
موجة صفراء، 2023، نحت بوسائط متعددة، خيوط صوف على لوح معدني، 170×29×19 سم.
منطقة زرقاء، 2025، نحت بوسائط متعددة، خيوط صوف على لوح معدني.
تستكشف نردين سروجي في أعمالها تقنيات التطريز الفلسطيني التقليدي، حيث تعيد صياغتها بأسلوب معاصر. في “طائر على الكُم”، تستخدم اللون الأحمر، الذي يرمز إلى الأنوثة والخصوبة، إلى جانب صورة الطائر التي تظهر غالبًا كزوج. من خلال تحويل المادة من قماش ناعم إلى ألواح معدنية، وعرض النمط السلبي للتطريز إلى جانب طائر منفرد، تلعب سروجي مع المعاني الأصلية لهذه الرموز والتقاليد، مضيفةً إليها طبقات جديدة من الدلالات والتأويل.
في “موجة صفراء”، تواصل سروجي توسيع حدود التطريز بتحويله إلى كيان نحتي مستقلّ. يأخذ العمل شكل موجة متحركة، تحاكي تدفق القماش، مما يخلق صراعًا ماديًا قويًا بين نعومة الخيوط وصلابة المعدن. هل استسلم المعدن لحركة الخيوط، أم أن النمط نفسه هو من أعاد تشكيل الشكل؟
هذه الأعمال تتحدى الاستخدام التقليدي للرموز والصور، وتدعو المشاهدين إلى استكشاف كيف تتغير معاني الرموز التراثية وتتطور في السياق المعاصر.
نردين سروجي، من مواليد 1980 في الناصرة، فنانة متعددة التخصصات، حاصلة على درجة الماجستير في الفنون من أكاديمية بتسلئيل، تعيش وتعمل في حيفا.
تشاسيتي بولك
انعكاس: وجهاً لوجه، 2025، سلسلة فوتوغرافية
في هذه السلسلة الفوتوغرافية، تدعونا تشاسيتي بولك إلى التأمل في مشاعرنا، ولكن ليس من خلال أنفسنا، بل عبر عيون الآخرين. تؤمن بولك بأن كل لقاء إنساني يكسر حاجزًا بيننا وبين الآخر، ويقربنا خطوة نحوه.
عندما نرى انعكاس أنفسنا في الآخرين – في الحب الذي نحمله، في التحديات التي نواجهها، في رغبتنا في أن نُفهم ونُقبل – يصبح السلام أكثر من مجرد فكرة مجردة، بل تجربة حقيقية نعيشها من خلال التعاطف والتواصل.
تسعى هذه الصور إلى التقاط لحظات إنسانية خالصة – نظرة عابرة، لمسة، لحظة من الهشاشة – على أمل أن تذكرنا بأننا لسنا غرباء عن بعضنا البعض، بل هناك دائمًا ما يربطنا ويجمعنا، مهما بدت المسافات شاسعة.
تشاسيتي بولك، مصورة أمريكية متخصصة في توثيق قضايا السلام، تعيش وتعمل في ستوكهولم.
حموتال فيشمان
اليوم التالي، 2025، ثلاثية رسومات، قلم رصاص، حبر وريشة على ورق
80×40 سم، 80×40 سم، 80×41 سم
عندما نظرت حموتال فيشمان إلى جدار الفصل من بعيد، بدا لها وكأنه صفحة ورقية طويلة، رقيقة ورمادية، تلتف بانسيابية حول تضاريس الأرض، خاضعة لأشكالها المتغيرة. لكنها لم تكن مستعدة للمشاعر التي اجتاحتها عندما وقفت أمامه عام 2005 في حي أبو ديس في القدس الشرقية. فكّرت في الفلسطينيين والفلسطينيات الذين يعيشون هناك؛ في أولئك الذين منعهم الجدار من لقاء أحبائهم، وفي من فقدوا بين ليلة وضحاها منازلهم، أعمالهم، وأحلامهم. نظراتهم تصطدم بالجدران الخرسانية الضخمة، باحثة عن العالم الذي كان مألوفًا لهم واختفى خلفها. منذ ذلك اليوم، لم يفارقها حضور الجدار. في كل مرة ترسمه، تكون واعية تمامًا للفجوة بين وجوده في الواقع وصورته المنعكسة على الورق. ومع ذلك، يمنحها الرسم فرصة للحلم بتفكيكه، كما يتيح لها تخيل انهيار أنظمة قمع أخرى.
“اليوم التالي” هو جزء من سلسلة أعمال أنجزتها فيشمان خلال السنوات الإحدى عشرة الأخيرة، حيث يظهر جدار الفصل من زوايا وسياقات مختلفة. في هذه الثلاثية، تتخيّل ما قد يحدث في اليوم التالي لانهيار الجدار، وكيف يمكن للفضاء الذي قسّمه أن يستعيد تماسكه من جديد. تستكشف كيف ستبدو اللقاءات بين البشر، والطبيعة، والكائنات الحية، وكيف سيحاولون استعادة حياتهم وسط بقايا الجدار المتناثرة.
تقول حموتال: “أريد أن أمنح العين فرصة للتوقف دون عجلة، للتأمل العميق في مشاعر التردد والخوف، وفي اللقاءات الحذرة التي تنشأ في بلد يحاول أن يتعافى.”
وُلدت حموتال فيشمان في تل أبيب عام 1966، وأتمّت دراستها في المسرح العرائسي في مدرسة “إرنست بوش” العليا للفنون المسرحية في برلين. تعيش وتعمل حاليًا في القدس.
نيرا بيرج
أنا/ نحن، 2025، تركيب فني يضم مرآة مستوية وأخرى مقعّرة.
حدود، 2024، فيديو.
كلير، 2024، فيديو.
في عملها “أنا/نحن”، تستكشف نيرا بيرج العلاقة بين الفرد والمجموعة، والتوتر القائم بين المساحة الشخصية والعامة. يقع العمل في نهاية ممر الجيمنازيوم، حيث يُدعى الُمشاهد إلى التوقف للحظة ليجد نفسه في آن واحد طالبًا، متفرجًا، مواطنًا، وذاتًا مستقلة. في هذه النقطة، نُقشت كلمة “ME” (أنا) على أرضية الجيمنازيوم كتذكير بأن المشاهد كيان منفصل. وفوق هذه الكلمة، وضَعت بيرج مرآتين تعكسانها بطريقة مقلوبة، مما يكسر هيمنة نقطة التلاشي الواحدة، ويدعو المشاهد إلى إعادة التفكير في العلاقة بين الفرد والجماعة.
أما في فيديو “حدود”، فتتعمق بيرج في فكرة الفصل داخل الكنيسة والدين، بين المقدس والعادي، وبين الطوائف المختلفة. تظهر راهبة أرثوذكسية تشير بأصبعها، كما لو كانت مرشدة سياحية، إلى شقوق بين الحجارة، خدوش على الجدران، أو تغيرات في لون الأرضية. هذه العلامات المعمارية، رغم صغرها، ترسّخ التوزيع الجغرافي للكنيسة بين ست طوائف مسيحية مختلفة، وهو تقسيم قائم منذ القرن الثامن عشر. يُعرض الفيديو في حلقة متكررة وصامتة، كاشفًا البيروقراطية الخفية التي تحكم هذا الفضاء المقدس.
في فيديو ’كلير‘، توثّق بيرج الراهبة الأرثوذكسية التي ظهرت أيضًا في ’حدود‘، أثناء مناوبة تنظيف ليلية في كنيسة القيامة. من خلال عدستها، تتحول عملية التنظيف اليومية إلى طقس متكرر، يتماشى مع طقوس الحجاج والزوار. عبر المسح، والغسيل، والكنس، لا تقوم الراهبة فقط بتنظيف المكان، بل تحافظ أيضًا على التوازن الدقيق بين الطوائف المختلفة التي تتشارك هذا الفضاء المقدّس. توثّق بيرج هذه العملية كحركة دائرية تتأرجح بين العمل اليدوي والطقوس الدينية، وبين الجسد الفردي والنظام الرمزي للكنيسة.
وُلدت نيرا بيرج في تل أبيب – يافا عام 1969، وهي خريجة معهد كوبر للفنون والعلوم في نيويورك. تعيش وتعمل حاليًا في تل أبيب.
نمرود تسين
اعتذارات لم تُقال، 2024، فيديو، 3 دقائق و14 ثانية.
يعرض نمرود تسين في هذا العمل سلسلة بورتريهات ذاتية تجسد شخصيات من المجتمع المحلي. يتقمص هذه الهويات المختلفة، ويمنحها صوتًا – أو بالأحرى صوته هو – كخطوة أولى في عملية رمزية من التصحيح والشفاء. من خلال هذا الأداء الطقسي، يمارس تسين التماهي مع الآخر والرغبة في التواصل، محاولًا تعويض غياب الحوار المتعاطف في الواقع الحالي عبر خلق مساحة متخيلة بديلة.
يكشف العمل عن التوتر بين الرغبة في التصحيح والإحساس بالعجز، كما يطرح تساؤلات حول الصراعات الناشئة عن الهوية والانتماء، بينما يستعرض التعقيد العاطفي لهذا الفعل والارتباك بين الشعور بالذنب وتحمل المسؤولية.
وُلد نمرود تسين عام 1978، ودرس السينما الرقمية في معهد SAE في فرنسا. يعيش ويعمل في إسرائيل.
ليئورا كابلان
عاد إليّ الربيع، 2025، عمل فني مركب منحوت، مصنوع من الخرسانة خفيفة الوزن، الخشب الرقائقي (المُصنّع من طبقات مضغوطة)، شبكة سلكية، سلسلة حديدية، عجينة البوليمر (السيراميك)، وخشب.
الجزء السفلي: 58×44×120 سم.
المخروط: 24×134 سم.
تستكشف أعمال ليئورا كابلان التوتر بين المساحة المقدسة والمكان البشري، وبين الشعور بالتهديد والإحساس بالوجود. في هذا العمل، تخلق فضاءً ماديًا ونفسيًا يشكّل محورًا يمتد بين هذين النقيضين، مما يدعو المشاهد إلى الإحساس بهذا التوتر بجسده. يتألف العمل من عدة وضعيات، مما يجعله أشبه بجسد يتشكل داخله – لحظة توقف تام في التنفس، وانتظار لما هو على وشك الحدوث. الفراغ بين العناصر هو جوهر العمل، حيث يحدد التوتر والهشاشة والديناميكية بين الثقل والخفة، وبين الجمود والتحول.
عنوان العمل مستوحى من ديوان “الحياة الجديدة” للشاعرة لويز غليك:
“بلا شك، عاد إليّ الربيع، هذه المرة ليس كحبيب، بل كرسول للموت، ولكنه رغم ذلك لا يزال ربيعًا، ولا يزال يفترض به أن يكون رقيقًا.” تعكس هذه الكلمات، كما يعكسها العمل الفني نفسه، التناقض بين التجدد والأمل الذي يحمله الربيع، وبين الشعور بالحزن الذي لا يختفي تمامًا رغم هذا التجدد.
وُلدت ليئورا كابلان عام 1974 في هرتسليا، ودرست في المعهد العالي للفنون – كلية بيت برل ومعهد أفني للفنون والتصميم. تعيش وتعمل في تل أبيب.
داني كرافان
أزرق مثل شاطئ البحر، 2025، تركيب فني، مرآة، رمل، قُمع مخروطي.
اسألوا السلام للقدس (إعادة إنتاج)، 2025 – وهو إعادة إنتاج لنقش جداري، مبني على عمله الأصلي “صلّوا من أجل سلام القدس”، الذي أنجزه عام 1965-1966 وتم تركيبه في الكنيست الإسرائيلي.
وُلد داني كرافان في تل أبيب في الثلاثينيات من القرن الماضي، عندما كانت المدينة لا تزال مغطاة بالكثبان الرملية. بالنسبة له، لم يكن الرمل مجرد مشهد طبيعي في طفولته، حيث كانت آثار قدميه الحافيتين تشكل أول أعماله الفنية. في جميع أعماله، يظهر هذا الرابط بين الرمل والشمس، الحركة في الفضاء، التداخل بين المساحات العامة والخاصة، وبين المحلي والعالمي.
كان الزمن عنصرًا محوريًا في أعمال كرافان، وهذا العمل ليس استثناءً. فهو يعكس الزمن ببعدين متداخلين؛ أحدهما خطي، يتحرك في مسار يمتد على طول حياة الإنسان، حيث يتقدم العمر ويتضاءل الوقت، والآخر دوري، يعكس دورات الحياة في المجتمع والطبيعة، حيث تتجدد الأشياء باستمرار. في هذا العمل، تُمثل ساعة الرمل هذا التفاعل بين البعدين – فبينما ينفد الوقت يومًا بعد يوم على المستوى الفردي، تستمر دورة الحياة الجماعية في التجدد بلا انقطاع.
تموضع هذا العمل في مواجهة الفسيفساء التاريخية التي أنجزها ناحوم جوتمان عام 1966، والتي تُصوّر مبنى “الجمناسيا العبري هرتسليا” كما كان يبدو عام 1912، عندما كان قائمًا على تل رملي في تل أبيب، في الموقع الذي يشغله اليوم برج شالوم اليوم. التفاعل البصري بين عمل كرافان والفسيفساء يخلق حوارًا بين الماضي والحاضر، حيث توثّق الفسيفساء مشهدًا لمدينة في طور التأسيس، بينما يعكس عمل كرافان الزمن كعنصر متغير وديناميكي. هذا التداخل بين العملين يثير إحساسًا بالاستمرارية التاريخية، لكنه في الوقت ذاته يسلط الضوء على هشاشة الماضي وإمكانية اندثاره مع مرور الزمن.
منذ أوائل الثمانينيات، بدأ كرافان في استخدام الرمال كعنصر فني أساسي، وأصبح الزمن دائمًا جزءًا من أعماله، حيث كان يوظف العناصر التي تلقي بظلالها على المكان، لتعمل كساعات شمسية تُجسد مرور الوقت. وكونه فنانًا ذا بُعد سياسي، استخدم في هذا العمل رمزية الزمن لربطها بالوعد الإلهي لإبراهيم وابنيه.
هذا العمل يعيد إنتاج نقش جداري يُعد من أكثر الأعمال الفنية شهرة في إسرائيل، حتى لو لم يكن الناس مدركين لذلك بوعي. فالنسخة الأصلية منه موجودة داخل الكنيست منذ عام 1965-1966، فأصبحت الخلفية الصامتة لآلاف الخطابات، الاحتفالات، إعلانات الحرب والسلام، وكذلك للحظات مليئة بالفرح، الخوف، الحزن، والأمل. كان كرافان يرى أن إلهامه الأساسي في تصميم هذا الجدار جاء من وثيقة الاستقلال الإسرائيلية، حيث سعى إلى تحويل القيم التي تتضمنها الوثيقة إلى لغة بصرية واضحة. يظهر الجدار هذه القيم التي اعتُبرت أساسية لمجتمع الدولة، مثل التسامح والانفتاح، التواضع، الإخاء، والسعي إلى العيش بسلام. لم يكن اختيار كرافان لاستخدام المواد الطبيعية في قاعة الكنيست مجرد خيار فني، بل كان تعبيرًا عن رؤيته بأن السياسة والثقافة والمجتمع يجب أن تكون متجذرة في الطبيعة، لا أن تكون منفصلة عنها. كما أن قراره باستخدام حجر الكلس المستخرج من محجر في بلدة دير الأسد العربية المسلمة، يعكس واقع التفاعل اليومي والتعاون المهني بين الثقافات المختلفة. حتى عملية بناء الجدارية نفسها كانت تجسيدًا لهذا التعاون، فقد تم تنفيذها من قبل حرفيين من مختلف الخلفيات – نحاتون ونقاشون عملوا معًا جنبًا إلى جنب فوق السقالات العالية، في مشروع يعكس روح التعاون والتعددية الثقافية.
وُلد داني كرافان في تل أبيب عام 1930، وحصل على جائزة إسرائيل للنحت عام 1977. توفي في عام 2021، ويُعد واحدًا من أعظم الفنانين الإسرائيليين في التاريخ الحديث.
جوليا شافير
ري-ريڤيرس، 2025، تركيب فني فيديو وصوت بثلاث قنوات.
يستكشف هذا العمل الفني طقسًا جنائزيًا قديمًا كان يُمارس في بعض المجتمعات الألمانية، حيث يتم قرع جرس الكنيسة عند وفاة أحد أفراد المجتمع، كوسيلة تقليدية للإعلان عن رحيله. كان هذا الطقس وسيلة مركزية للتواصل داخل القرى وبين المجتمعات، لكنه بدأ يندثر تدريجيًا مع الزمن. تضع شافير هذه الظاهرة في سياقها التاريخي، حيث خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، صهرت ألمانيا أكثر من 145,000 جرس كنيسة لاستخدامها في الصناعات العسكرية، تحت شعار “دعم المجهود الحربي”. أدى هذا النقص إلى البحث عن أجراس بديلة في الأراضي التي احتلتها ألمانيا. حتى اليوم، لا تزال أكثر من 3,000 جرس، سُرقت من بولندا، التشيك، بلجيكا، وهولندا، مُعلقة في كنائس ألمانيّة.
في عمل الفيديو “ري-ريڤيرس” (Re-reverse)، اختارت الفنانة مجموعة محددة من الأجراس: بعضها صُنع بعد الحرب كبديل للأجراس المفقودة، وبعضها سُرق خلال الحرب، بينما نجت أجراسٌ أخرى بأعجوبة من عملية الصهر وأُعيدت إلى بلدانها الأصلية. تتمتع هذه الأجراس بطابع فريد، حيث كان لكل واحد منها صوت مميز لا يتكرر، وذلك بسبب تقنية الصبّ التقليدية التي فُقد سرّها بمرور الزمن. بناءً على ذلك، تم منح العديد من الأجراس أسماءً خاصة مثل “سوزانا”، ما يمنحها طابعًا إنسانيًا يُقرّبها من البشر. هذا البعد يتعزز أكثر من خلال النقوش المحفورة على الأجراس نفسها، والتي تأتي أحيانًا بصيغة المتكلم، مثل: “أنا جرس صُبَّ على يد أنسلم شاف في هايدلبرغ”، أو عبارات ذات طابع تأملي وفلسفي، مثل: “بعد الحياة، هناك الموت”.
وُلدت جوليا شافير عام 1991 في ألمانيا، وتعيش وتعمل حاليًا في باريس.
عومر شاخ
عشاق الإله مولوخ: سلسلة من أربعة أعمال نحتية
بخور الذهب، 2024 – تركيب فني منحوت، بورسلان، جبس، زيت، نار، إسفنج، MDF، عنصر الجاليوم، وألياف اللايكرا الصناعية. 135×70×65 سم
سرير الإله مولوخ، 2024 – تركيب فني منحوت، ذباب، مصيدة حشرات، سيليكون، MDF، زجاج، قصدير، نحاس، إسفنج، وخشب. 110×115×190 سم
مهد الجحيم، 2025 – تركيب فني منحوت، شمع، صبغة، زيت، خشب، سجادة، نظام صوتي، وألمنيوم. 100×120×40 سم
عتمة الأنفاق، 2025 – تركيب فني منحوت، سيليكون، طلاء صناعي، سماعة أذن، كابل AUX، ومُشغّل MP3
10000×4×3سم
عشاق الإله مولوخ هي سلسلة من التركيبات النحتية التي تأخذ شكل معبد شخصي، كمكانٍ لإقامة طقوس الوداع لعلاقة انتهت. تم تصميم هذا العمل ليناسب أبعاد الجسد وتجربته الحسية الكاملة، مما يعيد المنحوتة إلى جذورها ككيان ديني يدعو للسجود كجزء من طقس أو قربان. يمزج عومر شاخ بين تقنيات الحِرَف اليدوية وطرق الإنتاج الصناعي، ويجمع بين الرموز الأسطورية وإغراءات الاستهلاك المعاصر.
يتناول “عشاق الإله مولوخ” مفهوم الفراق الشخصي في ظل أزمة جماعية. يعترف شاخ بأنه رغم محاولته إبقاء أعماله منفصلة عن المؤثرات الخارجية، إلا أنه يسمح لها بالتغلغل في فنه، والتأثير على تعبيره الإبداعي. وبدلاً من مقاومة تداخل العام بالخاص، يختار أن يحتضن هذا التداخل، ويُصغي حتى للاضطرابات الخارجية، إيمانًا بأن في هذا الانفتاح إمكانيات هائلة لاكتشاف معانٍ جديدة.
وُلد عومر شاخ في القدس عام 1991، وهو خريج قسم الفنون متعددة التخصصات في كلية “شنكار”. يعيش ويعمل في تل أبيب.
عمود السلام
عمود السلام، 2025، خيوط جيرسيه، حياكة كروشيه.
300×30 سم.
ترى لينا أوتوم جاك أغولون في السلام كمطرٍ يهطل على الأشجار الخضراء، وكأشعة الشمس الدافئة التي تلامس الأرض الرطبة. تقوم فنانات “هيواَت” بحياكة رؤيتهن الخاصة لمفهوم السلام، المستوحاة من ذكريات الحياة اليومية، ومن ارتباطهن بالطبيعة الحاضنة من حولهن، ومن الحوار الثقافي المشترك بينهن. يتم ربط هذه الأعمال الفردية ببعضها البعض لتشكيل “عمود السلام”، في استحضار للصورة الأيقونية للخط العمودي الذي يصل بين السماء والأرض: الطوطم، الذي يمثل في بعض الثقافات رمزًا لهوية جماعية وروحية، المسلة، العمود، ناطحة السحاب، وغيرها من الرموز الرأسية التي تعبر عن توق الإنسان إلى الروحانيات والمعاني المجردة.
وُلد مشروع “هيواَت” – والذي تعني “الحياة” باللغة التيغرينية – من الإيمان بقوة الحِرف اليدوية والفن في التمكين. مع إغلاق التجمّع الفني “كوتشينتا”، اتجهت بعض الفنانات البارزات منه – وهنّ طالبات لجوء من أفريقيا – إلى طريق جديد، لاستكشاف مواد جديدة وصقل لغتهن الفنية الفريدة.
على مدار 12 عامًا، كان التجمّع الفني بمثابة بيت مهني لمئات النساء طالبات اللجوء، حيث وفر لهن فرص عمل، ورافقهن في تحديات النزوح واللجوء، وعزز تطورهن الإبداعي، كما قدم أعمالهن إلى جمهور واسع ومتنوع. وقد تنوعت إبداعات التجمّع بين الإنتاج الحِرفي المحدود والأعمال الفنية، بدءًا من السلال الملونة المحاكة بالكروشيه، والدمى القماشية، والحُليّ (إلى جانب العديد من المنتجات الأخرى)، وصولًا إلى الأعمال التي عُرضت في معارض ومتاحف حول العالم.
لينا أوتوم جاك أغولون، وُلدت عام 1976، جنوب السودان، تعيش وتعمل في تل أبيب.
عدن جبري، وُلدت عام 1987، إريتريا، تعيش وتعمل في تل أبيب.
مبرهيت جبرماريام، وُلدت عام 1989، إريتريا، تعيش وتعمل في تل أبيب.
أكبرت أبرهة، وُلدت عام 1986، إريتريا، تعيش وتعمل في تل أبيب.
مجموعة نساء سافانا – كابويا من رواندا
الراعي، تطريز، خيط قطن على قماش قطني.
66×120 سم.
حُماة الجِمال، تطريز، خيط قطن على قماش قطني
75×100 سم.
جني القهوة، تطريز، خيط قطن على قماش قطني
55×82 سم.
في بحيرة كيفو، تطريز، خيط قطن على قماش قطني
62×75 سم.
الأخوات، تطريز، خيط قطن على قماش قطني
60×68 سم.
الرحلة، تطريز، خيط قطن على قماش قطني
60×66 سم.
امرأة زولو محاربة، تطريز، خيط قطن على قماش قطني
64×70 سم.
من بعيد، قد تبدو هذه الأعمال وكأنها لوحات مرسومة، لكنها في الواقع مصنوعة بالكامل من الخيط والقماش. باستخدام ثلاث درجات من خيوط القطن في إبرة واحدة، تتمكن الفنانات من خلق تدرجات دقيقة في اللون والظل، من خلال مزج الخيوط كما يمزج الرسام ألوانه على لوحته.
تُستخدم في كل عمل غرز مختلفة تمنح القماش قوامًا وأشكالًا متنوّعة: من خيوط طويلة ترسم مناظر طبيعية وسماوات وملابس، إلى غرز قصيرة تحاكي كل حبّة أو بذرة في المشهد.
لكل فنانة في المجموعة أسلوبها وبصمتها الخاصة، لكن لأن كل عمل يُنتج بشكل جماعي، قرّرن جميعًا التوقيع باسم واحد: سافانا – كابويا، بدلًا من الأسماء الفردية.
في هذه الأعمال، تستعرض نساء المجموعة جوانب من الثقافة الرواندية: الحياة الريفية، الطقوس التقليدية، الرقص، الغناء، إلى جانب الحيوانات والنباتات التي تميّز شرق إفريقيا.
تتكوّن المجموعة من نساء نجَون من الإبادة الجماعية التي ارتُكبت عام 1994 ضد التوتسي، وهي أقلية عرقية في رواندا وبوروندي. لبعضهنّ روابط بالضحايا، ولأخريات علاقات بالجُناة. ومع ذلك، يعملن معًا، ويمسكن بالأمل بمستقبل أفضل لعائلاتهن.
هذا المعرض بمثابة صلاة من أجل السلام والمصالحة بين البشر في كل مكان.
تُبدع نساء سافانا – كابويا أعمالهن النسيجية معًا منذ عام 1997.
برنامج الإقامة الفنية في چفعات حبيبة
يعمل المركز المشترك للفنون في چفعات حبيبة على تعزيز مجتمع مشترك لليهود والعرب من خلال الثقافة، والفن، والتعليم الفني.
برنامج الإقامة الفنية الفريد من نوعه يستقبل عشرة فنانين وفنانات شباب من خريجي كليات الفنون – يهودًا وعربًا – ضمن برنامج يمتد على خمسة أشهر، تشمل ثلاثة أشهر من الإقامة، والتطوير الفني، والعمل، تليها شهران من العرض في معرض جماعي يُقام في معرض چفعات حبيبة للفنون، ويترافق مع فعاليات فنية وحوارية متنوعة.
يُختار المشاركون بناءً على موهبتهم واهتمامهم بمجتمع مشترك، ويحظون بمرافقة طاقم البرنامج وفنانين بارزين. على مدار البرنامج، يشاركون في محاضرات، وورش عمل، ولقاءات مع فنانين، وجلسات حوارية جماعية، وجولات إلهام، إلى جانب مبادرات فنية مجتمعية.
تكمن خصوصية البرنامج في الشراكة اليهودية–العربية، وفي التجربة اليومية المشتركة التي تتيح التعرّف المتبادل والتعلم العميق، كما توسّع رؤيته حدود الفن التشكيلي ليصبح أداة للحوار والتغيير.
يمثّل البرنامج “جسر عبور” مهمًّا للفنانين والفنانات في بداياتهم المهنية، ويساهم في تطوّرهم وقدرتهم على العمل داخل البلاد. ويهدف إلى بناء شبكة من الفنانين المؤثرين الذين يقودون تغييرًا فنيًا، اجتماعيًا وثقافيًا في المشهد الفني والمجتمع الإسرائيلي، مع الحفاظ على الطاقات الفنية داخل البلاد.
رغم التحديات، وبشكل خاص في أعقاب أحداث أكتوبر 2023، استمر البرنامج بدورته الثانية، وهو اليوم في خضم دورته الثالثة، إيمانًا بأهمية دعم الأصوات الفنية الشابة، وتعزيز الحوار العربي–اليهودي المشترك.
فيما يلي خمسة فنانين وفنانات من خريجي برنامج الإقامة الفنية:
دعاء بسيس
رحلة قماش، 2024
فيديو، 10 دقائق و40 ثانية
بمشاركة: سَعَد منصور
“رحلة قماش” هو أداء ثنائي يحدث في مساحة يلتقي فيها الجسد بالحركة والمادة، حيث ينشأ حوار بصري وحسّي. يتخذ هذا العمل شكل استعارة للعلاقات الإنسانية، ويعكس التقلّب بين القرب والابتعاد، التعلّق والاستقلال، والمسافات العاطفية والجسدية التي تفصل بين الناس.
القماش في هذا العمل ليس مجرد خامة، بل جسر يربط بين عوالم مختلفة، تمرّ عبره طبقات من المشاعر والعلاقات والهويات. يدعو العمل إلى التأمّل في رحلة بصرية وحركية، بين طبقات القماش، وبين التوتّر والجمال الكامن فيه، بين العوالم الداخلية والخارجية، وبين ما يُرى وما لا يُرى.
دعاء بسيّس من مواليد 1997، خريجة برنامج الإقامة الفنية في چفعات حبيبة، تعيش وتعمل حاليًا في دالية الكرمل.
بن ألون
باب الرحمة، منحوتة، ورق تواليت.
ينظر هذا العمل إلى الأفعال اليومية كمدخل لإثارة وعي جديد.
فمن خلال محاولة بسيطة – كيف يمكن مواصلة العمل على الحاسوب دون أن يجفّ الجسد؟ – تنفتح طبقة أعمق من العلاقة بين الإنسان، والبيئة، والزمن. الفكاهة التي تنبع من هذا الحل العملي تشكّل وسيلة الفنان لفهم الواقع وكشف ما فيه من عبث، وربما لاقتراح طريقة أخرى في التواصل مع العالم. في المنطق الداخلي لهذا العمل، تظهر تساؤلات حول النظام، والسيطرة، والعشوائية – وهي أسئلة تتطلب، في الفن كما في السلام، مرونة ذهنية وقدرة على رؤية ما يتجاوز الظاهر.
بن ألون، من مواليد 1998 في حيفا، خريج برنامج الإقامة الفنية في چفعات حبيبة، يعيش ويعمل حاليًا في تل أبيب–يافا.
بيلسان كريم
بدون عنوان، نُصُب بارز (ريليف)، عجينة ورق معاد تدويره.
4×80×60 سم
بدون عنوان، نُصُب بارز (ريليف)، عجينة ورق معاد تدويره.
4×60×60 سم
بدون عنوان، نُصُب بارز (ريليف)، عجينة ورق معاد تدويره.
4×38×45 سم
تستمد هذه الثلاثية إلهامها من حياة وأقوال الحسين بن منصور الحلّاج، المتصوف الذي اصطدمت رؤاه الجريئة بالمؤسسة الدينية والسياسية في زمنه. فلسفته، التي تمحورت حول “الفناء” – أي ذوبان الذات وتلاشي الأنا في سبيل الوصول إلى حالة روحية من الاتحاد بالخالق – شكّلت نقطة انطلاق لتجربة فنية تتعامل مع الزوال، والذاكرة، والهوية.
استخدمت الفنانة في هذه الأعمال أوراقًا ممزقة كانت تحمل في السابق مضامين قانونية وسياسية واجتماعية، وأعادت تشكيلها يدويًا إلى منحوتات تبرز هشاشة الوجود المادي، وقوة الهوية الروحية والشخصية.
التمزيق هنا ليس فعل تدمير، بل خطوة أولى في إعادة البناء – مقاومة من نوع آخر، تعكس استمرارية المعنى رغم المحو.
في جوهر هذه الأعمال يظهر التوتر القائم بين الجانب الروحي وبين ما تفرضه السلطة. يُظهر تمزيق الوثائق الرسمية واستخدامها كمادة فنية التوتّر بين السلطة المؤسسية والحرية الفردية – صراع لا يزال قائمًا، والحلّاج أحد رموزه. تتشكّل هذه المواد من جديد في سرد بصري يطرح أسئلة حول المقاومة، والذاكرة، والحق في كتابة التاريخ: ما الذي يُمحى؟ من يملك السرد؟ وما الذي يبقى في الذاكرة الجماعية؟
تحمل الأعمال عناصر ميثولوجية وواقعية في آن، وتنقل نظرات متبادلة بين الماضي والحاضر. جسد المرأة يظهر كرمز للقوة والسيادة، كما في صور الآلهة القديمة في حضارات المشرق، مقابل فترات لاحقة فُرضت فيها الحشمة على الجسد كوسيلة للسيطرة. في بعض الأعمال، يُغطى وجه المرأة بالكوفية والعقال – رموز ذكورية عربية – لتغطي بذلك صورة أنثوية متجذرة في الحرية. تظهر الشمس كرمز فرعوني للطاقة والحياة، وتُطرح أسئلة عن الرموز التي تبقى بعد زوال الثقافات، وتلك التي تُنسى عمدًا. اللبؤة – الحارسة والمقاتلة – تظهر كقوة نسائية شرسة تعرف كيف تقاوم، والحية التي تغيّر جلدها ترمز للتجدد، وأشجار النخيل التي تعبّر عن الانتماء في الثقافة الفلسطينية، إلى جانب عناصر أثرية من المشرق.
جميعها حاضرة هنا، تنظر إلى بعضها، من الماضي إلى الحاضر، ومن الحاضر إلى الماضي.
ما الذي نتذكّره؟ وما الذي نختار أن ننساه؟
بيلسان كريم، خريجة برنامج الإقامة الفنية في چفعات حبيبة، تعيش وتعمل في حيفا.
نوعا كورنيك
طائر، 2024، منحوتة، جبس، أعقاب سجائر، أعواد خشبية، وعاء من الفلين.
20×15×40 سم
طائران،2025، منحوتة، جبس، أعقاب سجائر، أعواد خشبية، قالب من الألمنيوم.
25×16×20 سم
تتناول هذه الأعمال رمز الحمامة – رمز السلام المعروف من قصة نوح – ولكن من خلال نظرة معاصرة ومتسائلة. ظهرت الفكرة خلال فترة من عدم الاستقرار، حيث بدت الهجرة والبحث عن مكان آمن أكثر حضورًا من أي وقت مضى. في كل مرة يُعرض فيها العمل، يُضاف طائر جديد، مما يفتح الباب لتأمل العلاقة بين الحلم بالسلام والواقع الذي نعيشه.
في هذه النسخة، يظهر الطائر وهو مصنوع من الجبس، رمزًا للحرية والحركة، لكن ملامحه مشكلة من أعقاب السجائر، ويبدو وكأنه منحوت بطريقة طفولية، هشّة، وغير مكتملة.
هذا التناقض بين الرمز والمادة يطرح سؤالًا مباشرًا: هل يمكن للسلام أن يتحقق؟
وهل ما زال يحمل نفس المعنى الذي نحمّله له في ظل الواقع المتقلّب؟
تحاول الفنانة من خلال هذه الأعمال إعادة التفكير في رموز السلام، لا بوصفها شعارات مثالية، بل كمساحات نعيش فيها التناقض، ونحاول أن نجد فيها معنى جديدًا.
نوعا كورنيك، خريجة برنامج الإقامة الفنية في چفعات حبيبة، تعيش وتعمل في تل أبيب.
دانا روسلر
تغيُّر، 2025، نسيج.
في السنوات الأخيرة، أصبح الواقع اليومي يضغط على كل فرد منا، ويُربك ما كنا نظنه ثابتًا وواضحًا. منذ السابع من أكتوبر، تزعزعت أنظمة الحياة، وكل شيء بات في تغيّر دائم. كثيرون فقدوا أشخاصًا، بيوتًا، ممتلكات، ومجتمعات كاملة. والسياسات العنيفة التي تُغذّيها الكراهية والرغبة في الانتقام باتت تمسّ الجميع بلا استثناء.
في أغسطس 2024، وبعد انتقالها إلى بلدة برديس حنّا، تعرّضت دانا روسلر لهجوم جسدي خلال خلاف عنيف بين جيرانها، في حادثة شكلت تهديدًا حقيقيًا لحياتها. تركها هذا الاعتداء وحيدة، دون أي دعم اجتماعي أو مؤسساتي. منذ ذلك الوقت، تحوّل كل لقاء إلى صراع، وكل علاقة إلى معركة للبقاء.
أمام هذه التجربة الشخصية الصعبة، وفي ظل التفكك المجتمعي والسياسي الأوسع، وجدت نفسها صامتة، تحاول استيعاب ما حدث، ومواجهته، وإيجاد طريقة للتعامل معه، دون عنف.
في هذا السياق، بدأت تتساءل:
ما الحد الأدنى الذي نحتاجه للتواصل في وقت الأزمات؟ وما الحد الأقصى؟
ماذا نفقد حين نُجبر على الصمت؟ كيف ننقل رسالة دون أن نُتّهم أو نُدان؟
وهل يمكننا الحفاظ على أنفسنا وسط عالم مشوَّش ومُنقسم؟
خلال النصف الثاني من عام 2024، بدأت روسلر بجمع جوارب غير مستخدمة من أفراد وجماعات مختلفة. قامت بتفكيكها وخياطتها من جديد بأسلوب يشبه خط الإنتاج، لتحوّلها إلى ألواح نسيجية ذات منطق داخلي خاص. الجوارب، رغم أنها جزء بسيط من حياتنا اليومية، تحمل معلومات دقيقة: لون، خامة، حالة الاستهلاك. وقد توحي بشيء عن الشخص الذي ارتداها.
فهل نظرتنا لقطعة قماش تتغيّر حين نعرف من ارتداها؟ وهل تتغيّر الحقوق الأساسية لذلك الشخص بناءً على خلفيته أو أفعاله أو مظهره؟
في هذا العمل، تتحوّل الجوارب إلى وسيلة لقراءة الواقع. ومن خلال شبكة من الغرز المتكرّرة والمتداخلة، ترسم الفنانة خريطة إنسانية مكوّنة من قصص مجهولة، لكنها ملموسة.
يتحرّك العمل بين المنظور الشخصي والعام، بين الصمت والكلام، بين الداخل والخارج. وكأنه يحاكي حياتنا فوق هذه الأرض: حياة مليئة بالهشاشة، والانقطاع، والتناقض، ومحاولات مستمرة لفهم ما لا يمكن تفسيره بالكامل.
في هذا العمل، تستكشف دانا روسلر التوتر بين الاختزال والتعبير، بين الصمت والرغبة في الظهور، وبين ما نُخفيه وما نريد قوله.
دانا روسلر، خريجة برنامج الإقامة الفنية في چفعات حبيبة، تعيش وتعمل في برديس حنّا.